يذكرني عمو"سعيد الذي يبدو دوما مريض
برغم ان الدم يضخ من وجنتيه . ومعالم الصحة "ظاهرة عليه" وهذا ليس حسد أو ضغينة لكن حرصه الشديد ونصائحة العلاجية الثمينة تذكرني دوما
بوالدتي"فُوفه"
فقد "قضت نصف عمرها وربما أكثر ما بين المستشفيات كونها كانت "حكيمة"
وظلت تطبق تعاليم منظمة الصحة العالمية على أسرتنا من "صباحية ربنا وحتى وقت النوم"
كل شيء بميعاد وبمقادير محددة
ممنوع السمن البلدي
ممنوع الملح الزيادة"وغالبا كانت تلغي الملح من قائمة المشتروات"
ممنوع المأكولات ذات المواد الحافظة والأ لوان الصناعية "كالشيبسي" و"المصاصة "واللبان "الشكلس" والخ
وطبعا كنا نتناولها أنا واخواتي كالذي يدخن"من ورا والده" فى دورات المياة او فوق السطوح او فى حمام المدرسة"من باب الإحتياط واجب" فأمي بعيد عنكم عصبية وحينما تثور لاتفرق معها إن كانت تمسك عصا أو ساطور
فما بيدها سيوجه مباشرة إلى المتهم " وانت وبختك" إما تخرج بخدش أو عاهة أو قد يحتاج الأمر لعلاج 21 يوم تحت إشرافها طبعا"ممنوع شرب الشاي مباشرة بعد الطعام يفضل تناول الفاكهة ثمرتين أو ثلاث فقط منعا "للإنتفاخ او الإسهال أو الإمساك "لأن ماما طبعا "بتأرف" وكده هههههه
العشا "جبنة ،بيض، زيتون، مربى ، فول ،زبادى ،كوب لبن كبير بدون شاى"
طبعا كانت أختى الكبيرة تمنحنى ربع مصروفها كى أشرب أنا كوب اللبن الخاص بها فتنجو من العقاب
هواية أمي المفضلة
متابعة كافة برامج التلفزيون الصحية والكتب الصحية
من اول برنامج خمسة لصحتك حتى بنامج عيادة القناة الثانية
ثم قراءة مجلة طبيبك الخاص
وحفظ وتسميع وصفات كتاب "العجب العجاب فى التداوي بالأعشاب"
وقراءة كل نشرات الأدوية التى كانت تحضرها بصفة دورية وبمعاهدة سلام قومية مع "الصيدلية" اللى تحت البيت
حتى ان صاحب الصيدلية كاد يمنحها شهادة تقدير كأفضل زبون وأظنه سيكتبها فى وصيته كإحدى المستحقين لميراثة
ومع تقدم عمرها الجميل وتخليها عن العمل أصبحت أكثر إدمانا للوصفات الطبية وللمعلومات عن مختلف الأمراض
بل وتطور الأمر لهاجس مستمر
فبعد مشاهدتها اليوم مثلا لحلقة "المرارة والبنكرياس"
نجدها باليوم الثاني تضع يدها على مرارتها وبنكرياسها وتظل طوال اليوم
آه يا بنكرياسي
أه يا مرارتي
ى حتى تنفقع مرارتنا، نأخذها للطبيب الذي يحفظها عن ظهر قلب
يطمئنها ويغمز لي قائلا"خلاص يا ست الكل تشخيصك فعلا سليم مرارتك تعبانة بس بسيطة هعطيكى حبوب يومين وهتبقى زى الفل"
وطبعا يكتب لها حبوب صداع خفيفة لكن نوع جديد او مختلف ويمنحها شريط من عيادته حتى يضمن عدم قراءتها للنشرة الدوائية
وبعد أسبوع وبعد محاولات إقناع مستمرة انها فل وعال العال
تقرأ مقال عن الصلع الوراثي وأثاره ونتائجة
وطبعا تقضي يومها أمام المرآة وهى تصرخ وتشد شعرها وتقول"الحقوا يا بنات شعري بيوقع هبقى صلعاء جرداء نعم جد جدي الكبير منقرع كان أصلع الرأس، يا ويلي"
وحتى نشتري رأسنا من نتائج وهم الصلع
أشتريت لها باروكة وأقنعتها أنها أجمل بكثير عليها من لون شعرها الطبيعي
وبنهاية الأسبوع
تقرأ مقال عن الإكتئاب والقلق
فتسهر طوال الليل "رايحة . جاية فى الصالة" انا قلقانة انا عندي إكتئاب
وطبعا كنت أضطر حينها الى إحضار طبلة وصاجات
وأقوم بوصلة "رقص أراجوزي عبيط " على واحدة ونص مستحدث لها حتى تضحك وتقتنع ان حالة الإكتئاب انتهت الحمد لله
ولهذا ولتأثير أمي العجيب
توفى أبى المسكين فجأة وبكامل صحته"مقهورا يا عين أمه" وهو فى عز شبابه""42 " سنة
ولم يكن فى فمه ولا سنة واحدة"طبعا من كثرة الحلويات التى كان يأكلها من ورا أمي فى الشارع مع اصحابه"
وظلت جدتي "حماتها" تندب وتعدد وتقول"ياعين أمك يا ضنايا يا ميت ونفسك فى السمن البلدي يا حبيبي يا "ش إ" يعني يا شباب إخواتك"
وكان سر أمي باتعا والحمد لله
فقد تبعت "جدتي" رحمها "إبنها" أبي بعد سنة واحدة تقريبا، من إنتقالها للعيش معنا بنفس المنزل وبنفس تاريخ اليوم "سبحان الله"
ثم تبعتها"جدتي الأخري" أم أمي بعد إنتقالها للعيش معنا بسنتين
ثم تبعتها إحدى أخواتي كانت تعاني نقص فى الأملاح والسكر وأكتشفوا بعد التحاليل أنها كانت تأكل الأدوية بديلا عن الطعام العادي!
وحين خافت باقي أخواتي على أنفسهن
إضطرت كل منهن ان تضحي بنفسها وتتزوج من ابن خالتها او ابن عمها
وتنجو من مستشفانا المنزلية بطريقة مشروعة وتبدو لأمي صحية
أما عني فأظنني والله أعلم ورثت موهبة أمي فى القضاء على الأشخاص وعلى الناموس والذباب والفيروسات ههههه"موهبة رباني"
قالها لى أحدهم مرة..
"فى ناس لما تيجي وتقرب، لازم نبعد عنها ونتغرب